كتبت: مريم هيثم
- لا يوجد أحد على قيد الحياة إلا وقد تعرض للانتقاد وبأي شكل من أشكاله، سواء كان انتقاد "الشخصية، التصرف والسلوك، الذوق في اختيار الأشياء، العمل" كما أن الكثير يتحول عنده النقد إلى خِلاف كبير ينتج عنه قطيعة بسبب عدم تقبُل وجهة نظر الآخر ولكن القليل مِنّا هو الذي يضع حدًا ولا يتأثر سلبًا به وهو الذي لديه مستوى عالِ من الثقة بالنفس فهو لا يهمه النقد لأنه يعتبره مثل حافز للتحسين والتطوير من نفسه.
- يتطلب الانتقاد من الشخص الذي يتعرض له أن يلزم الهدوء وعدم التوتر وعدم التهور، لأنه يوجد أشخاص لا تستطيع السيطرة على أعصابها ومشاعرها ويتسبب لها الانتقاد في ضياع الحقوق واللوم من الآخرين وسيشعر الشخص الذي انتقدك أنك غير واثق في قدراتك أو موهبتك وتثبت له كل الصفات التي وصفك بها وهي في الأصل بعيدة كل البعد عنك.
الفرق بين النقد والانتقاد
- النقد: هو وصف التصرفات، الأفكار والآراء بطريقة إيجابية بنّاءة وودودة والهدف منه التصحيح في حالة وجود خطأ ومعه التشجيع والاستمرارية في حالة وجود إيجابيات.
- الانتقاد: هو تصيُّد مقصود للأخطاء ولا يكون بإيجابية وأبعد ما يكون عن النُصح والتصويب والإرشاد، كما أن الهدف منه هو إظهار السلبيات فقط أو إيهام الآخرين بوجود أخطاء ومشاكل غير موجودة بهم أصلًا.
للنقد أصول وأساسات ومنها أن ننتقد الفكرة، المشكلة، الرأي وليس الشخص نفسه ومدح الأمور الإيجابية وجعلها مدخلًا له، ولا يجب أبدًا أن نلجأ للإهانة والتجريح بحجة توجيه النُصح.
أنواع النقد والانتقاد
1- انتقاد ليس له صلة بالموضوع الحالي: هو الأكثر انتشارًا، فالبعض لا يهمهم شيء سوى انتقاد أي شخص وأي تصرف وسلوك ليس له داعِ وتكون هذه الانتقادات ليس لها علاقة بالموضوع أو الموقف الذي يحدث في الوقت نفسه مثل (انتقاد فتاة لملابس زميلتها التي طلبت منها أن تساعدها في مشروع دراسي .. أو أي شيء من هذا القبيل) وهذا النوع من الانتقاد لا يستحق الرد وأبلَغ تصرف هو التجاهل وعدم إعطاءه أي أهمية.
2- الانتقاد المدمر: يأتي هذا النوع في شكل هجوم مباشر وتوبيخ والشخص الذي يقوم به يستخدم عبارات محبطة وقاسية مثل (أنت لا تملك أي كفاءة، أنت أناني ومغرور) وإذا واجهك هذا النوع من الانتقاد تأكد من وجود خلل ومشكلة في شخصية الشخص الذي وبخك هكذا، لأن الشخص الواعي لا يلجأ لاستخدام هذه الكلمات للنقد ويجب أن تمتلك وقتها قدر كافِ من الثقة يجعلك لا تتأثر بما قيل.
3- النقد البناء: هو الذي يهدف لتصحيح خطأ وخلل ويقدم تجربة تعلُم جديدة ويستخدم النقد البناء الفعال تقنية وطريقة تعرف بـ "sandwich technique" وهي طريقة يتم فيها وضع محتوى النقد المراد إيصاله بين عبارتين إيجابيتين مثل (أنا أقدر مجهودك في عمل ... لكني أريدك أن تكون أكثر حذرًا في المرات القادمة بخصوص .... ولكني الآن لست منزعجًا منك) وهذه الطريقة مُحبَب استخدامها بين الأزواج أو الأبناء والآباء حتى لا يحدث تصادم أو سوء تفاهم، بل إيصال التقدير مع تصحيح التصرف.
طرق فعالة للتعامل مع الانتقاد
1- كن مستعدًا دائمًا للنقد: حياتنا لا تخلو منه ونتعرض له في مراحل حياتنا المختلفة فجَهِز نفسك لتلقي بعض الكلمات حول أداءك في العمل / الدراسة / المنزل . كاستعادة موقف مشابه وتذكر كيف شعرت حينها وتخيل أن الموقف يعاد فكيف ستتعامل معه وتواجهه بشكل لا يضيع حقك وفي نفس الوقت هادئ ومتزن.
2- تجنب الانسياق وراء مشاعرك: بمجرد مواجهة انتقاد وخاصةً الحاد الهجومي تندفع مشاعر قوية داخل الإنسان وتجعله يتصرف دون تفكير ويصاب بالتوتر والعصبية وهذه التصرفات بالتأكيد سيعقبها ندم، امنح نفسك بعض الوقت للتفكير في أي شيء يشتت انتباهك للحظات حتى تهدأ مشاعرك ثم استجمع أفكارك وقم بالرد بطريقة تحقق لك نتيجة مرضية.
3- كرر العبارات التي سمعتها وثق بنفسك: تكرار الكلمات التي سمعتها من قبل وبأكثر من طريقة ستجعل الطرف الآخر يتراجع عن نقدك لأنك متوقع من قبل ما سيُقال، وهو منتظر منك الانفعال وإنكار ما قاله لك ويضعك في حالة دفاع عن النفس، لكن ثقتك بنفسك بقدر كافِ وهدوءك وطريقة استقبالك لعباراته ستجعله يغير رأيه حول ما قاله لك.
4- تغلَب على شعورك بضرورة الدفاع عن النفس: عندما نتعرض للهجوم يبادر العقل مباشرةً بالدفاع عن نفسه والرد بنفس القوة ولكن إذا درَّبت نفسك على الاستماع فقط فقد اكتسبت أداة قوية تساعدك على تجاوز المشاحنات والمواقف الصعبة بسلاسة.
5- اختلاف وجهات النظر: الاعتراف بأن الشخص الذي أمامك لديه وجهة نظر مختلفة عنك فأنت بذلك تتجنب الوقوع في مشكلة إثبات أن أحدكما على حق والآخر مخطئ وتجنب النقاش الحاد. الوصول لنقطة التقاء تتقبلوا فيها وجهات النظر وتقدرون بعضكما فسيبدأ الحوار البنّاء وإيجاد حلول وسط ترضي جميع الأطراف.
النقد لا يهدف دائمًا لمهاجمتك وإحباطك، ربما السبب وراءه مساعدتك للنمو والتطور في عملك وحياتك، لكن بعد التأكد وتحديد نوعه عليك اتباع الخطوات السابقة للخروج بأكبر فائدة ممكنة. عمومًا، الناس تختلف في طرق تقبلها للنقد لأن الطبيعة البشرية ترفضه، ولكن عندما يُغَلَّف بالاحترام والحب ف يكون لدينا استعداد لنتقبله "الفكرة تكمُن في الطريقة".